أَهَمِّيَّةُ مَعاَهِدِ تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ فِي أَشْهُرِ الصَّيْفِ
باَرَكَ اللهُ فِى جُمُعَتَكُمْ أعزائي المؤمنين!
قاَلَ للهُ تَعاَلي فِي كِتاَبِهِ الْكَرِيمِ " الٓـرٰ۠ كِتَابٌ اَنْزَلْنَاهُ اِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ اِلَى النُّورِ بِاِذْنِ رَبِّهِمْ اِلٰى صِرَاطِ الْعَز۪يزِ الْحَم۪يدِۙ ﴿﴾ اَللّٰهِ الَّذ۪ي لَهُ مَا فِي السَّمٰوَاتِ وَمَا فِي الْاَرْضِۜ وَوَيْلٌ لِلْكَافِر۪ينَ مِنْ عَذَابٍ شَد۪يدٍۙ " 1
وَقاَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِهِ الشَّرِيفِ " إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ " 2.
إِخْواَنِي!
أَكْرَمَ اللهُ تَعاَلَى اَلْبَشَرَ بِواَسِطَةِ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتاَباً لاَ نَظِيرَ لَهُ وَلَا مَثِيلَ لَهُ. عَلَّمَنَا هَذا الْكِتابُ حِكْمَةَ الْخَلْقِ وَغاَيَةَ وُجُودِناَ. أَعْلَمَناَ عَنْ كَيْفِيَّةِ وُجُودِ الْحَياةِ مَعَ الْإِيماَنِ، وَكَيْفِيَّةِ ارْتِفاَعِ مَقاَمِ الْإِنْساَنِ مَعَ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ تَعاَلى. نَقَشَ الْمُؤْمِنُونَ هَذِهِ الْكِتاَبَ فِي أَذْهاَنِهِمْ وَأَفْئِدَتِهِمْ عَلَى مَدَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ قَرْنٍ. وَآمَنُوا بِهِ إِيماَناً خاَلِصاً وَارْتَبَطُوا بِهِ بِشَكْلٍ مَتِينٍ. إِنَّهُ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ، دَلِيلُناَ إِلَى الْهِداَيَةِ وَالنَّجاَةِ.
أَيُّهاَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
اَلْقُرْآنُ الْكَرِيمُ هُوَ أَفْضَلُ هَدِيَّةٍ إلَيْناَ مِنْ رَبِّناَ الْكَرِيمِ. القُرآنُ الْكَرِيمُ هُوَ أَهَمُّ أَماَنَةٍ أَوْدَعَهاَ إلَيْناَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. لِذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْناَ نَحْنُ الْمُؤمِنِينَ إِناَرَةُ عُقُولِناَ وأَفْئِدَتِناَ بِنُورِهِ. وبِناَءُ يَوْمِناَ ومُسْتَقْبَلِناَ عَلَى دَلِيلِهِ. نَحْنُ نَسْعَى لِتَعْلِيمِ أَطْفاَلِناَ اَلْقُرآنَ الْكَرِيمَ الَّذِي يَحْتَوِي عَلَى رَساَئِلِ الرَّحْمَةِ وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ.
لِأَنَّناَ نُدْرِكُ أنَّ أَطْفاَلَناَ هُمْ أَماَنَةُ اللهِ فِي أَعْناَقِناَ. وَمِنْ أَهَمِّ مَهاَمِّ الْأُمَّهاَتِ والْآباءِ تَرْبِيَةُ الْأطْفاَلِ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ اللهَ تَعالى ويُدْرِكُونَ مَسْئُولِياَّتِهِمْ ويَكُونُونَ خَيّرِينَ لِمُجْتَمَعِهِمْ ولِلْإنْساَنِيَّةِ.
وَقاَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا مِنْ نَحْلٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ ". 3 حَيْثُ يَحُثُّناَ هَذا الْحَدِيثُ عَلى تَعْلِيمِ أَطْفاَلِناَ الْإِيماَنَ والْإِسْلامَ وَتَجْهِيزِهِمْ مِنْ ناَحِيَةِ الْأخْلاَقِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ أَكْبَرُ مِيرَاثٍ يُمْكِنُ أَنْ نَتْرُكَهُ لَهُمْ.
إِخْوَانِي!
قَدْ حاَنَ الْوَقْتُ فِي تَجْهِيزِ النَّسْلِ الصَّالِحِ وجَمْعِهِمْ مَعَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَحَياَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. سَيَتِمُّ افْتِتاَحُ مَعاَهِدِناَ لِتَعْلِيمِ وتَحْفِيظِ الْقُرْآنِ فِي 25 مِنْ شَهْرِ حُزَيْراَنَ (يُونْيُو) وَلِغاَيَةِ 17 مِنْ شَهْرِ آبْ (أغُسْطُسْ). وسَتَتَحَوَّلُ جَواَمِعُناَ إِلَى مَرَاكِزِ تَعْلِيمٍ لِمَلاَيِينِ الْأَطْفاَلِ وَفْقَ شِعاَرِ "صَوْتُ الطِّفْلِ فِي الْجاَمِعِ، مَرْحُ وَطَنِي". سَيَتَعَرَّفُ أَطْفاَلُناَ عَلَى رَبِّناَ الْأَعْلَى وَسَيَنْقُشُونَ الْإِيماَنَ وَالْإِسْلاَمَ فِي أَفْئِدَتِهِمْ الصَّافِيَةِ. وَسَيَتَعَرَّفُونَ عَلى الْقُرآنِ الْكرِيمِ وعلى حَياةِ نَبِيِّناَ الْكرِيمِ الْمِثالِيَّةِ عَنْ كَثْبٍ وتَأْمِينِ الشُّعُورِ بِما يَطْلُبُهُ الْقُرآنُ الكَرِيمُ وأَظْهَرَهُ رَسُولُنا صلى الله عليه وسلم في حَياتِهِ مِنَ الْمِصْداَقِيَّةِ والْأَماَنَةِ والشَّقْفَةِ والرَّحْمَةِ والْحُبِّ والْإِحْتِرامِ والْحَقِّ والْعَدْلِ والْمُشاَرَكَةِ والْمُساَعَدَةِ والْأُخُوَّةِ والْمُحاَدَثَةِ والْأَخْلاَقِ الْحَمِيدَةِ. سَيَقُومُ الْأَطْفاَلُ إِبْراَمَ الصَّداَقَةِ مَعَ الْكَثْبِ وسَيَشْعُرُونَ بِقِيْمةِ الْقِراَءَةِ وأَهَمِّيَّةِ الْعَلْمِ. سَيَجْتَمِعُونَ فِي الْجَوامِعِ الَّتِي هِيَ رَمْزُ اسْتِقْلاَلِناَ. سَيَسْمَعُونَ صَوْتَ الْأَذاَنِ عَنْ قُرْبٍ. سَيَتَعَلَّمُونَ الْعِباَدَةَ الَّتِي تَحْمِي دِماَغَهُمْ وأَفْكاَرَهُمُ الْياَفِعَةَ وفِطْرَتَهُمُ النَّظِيفَةَ مِنَ الشَّرِّ.
أَيُّها الْمُسْلِمُونَ الْأَفاَضِلُ!
دَعُوناَ نَسْتَفِدْ مِنْ مَعاهِدِ تَحْفِيظِ الْقُرآنِ الصَّيْفِيَّةِ الَّتِي سَيَتِمُّ افْتِتاَحُهاَ فِي كُلِّ جاَمِعٍ. فَلْنَكُنْ نَحْنُ الْأُمَّهاَتُ والْآباءُ قُدْوَةً لِأَطْفاَلِنا لِلْاِشْتِراَكِ فِي هَذِه الْمَعاَهِدِ! ولا نَحْرِمْهُمْ مِنْ نُورِ الْقُرآنِ الْكَريمِ. ونَسْعَ لِنَكُونَ مِثاَلاً لِأَنْفُسِناَ ولِأَطْفاَلِناَ فِي قِراءَةِ الْقُرآنِ وفَهْمِهِ وتَفَكُّرِهِ وجَعْلِهِ دَلِيلاً لَنا فِي حَياَتِناَ. وَلْنَزِدْ مِنْ أُنْسِيَّتِناَ مَعَ الْكُتُبِ ونُضِفْ اَلراَّحَةَ النَّفْسِيَّةَ لِعُمْرِناَ مِنْ خِلاَلِ قاَعاَتِ الْقِراَءَةِ. ولْنَسْعَ لِتَرْبِيَةِ أَجْيالٍ تُساَهِمُ فى تَوْجِيهِ حَياَتِهِمْ عَلى أَثَرِ الْكِتابِ الْكَريمِ ونَبِيِّناَ الْمُصْطَفَى.
أَخْتِمُ خُطْبَتِي بِهَذاَ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ " خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ
" 4.
1 ابراهين 14/1-2
2 مسلم، الوصية، 14
3 الترمذي، البر، 33
4 الترمذي، فضائل القرآن، 15
المديرية العامة للخدمات الدينية