القُرْآنُ وَالسُّنَّةُ مَصْدَرانِ رَئيسِيَّانِ لِلْإسْلامِ


 

القُرْآنُ وَالسُّنَّةُ: مَصْدَرانِ رَئيسِيَّانِ لِلْإسْلامِ

بارَكَ اللهُ لَكُمْ في جُمُعَتِكُمْ أَيُّها المُؤْمِنُونَ الأعِزّاءُ!

يَقولُ اللهُ تَعالى في مُحْكَمِ تَنْزيلِهِ: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ"[1]. وَيَقولُ رَسولُ اللهِ (ص) في حَديثِهِ الشَّريفِ: "تَرَكْتُ فيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلّوا ما تَمَسَّكْتُمْ بِهِما كِتابَ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ"[2].

إِخْوانِيَ الأعِزّاءُ!

إِنَّ القُرْآنَ الكَريمَ هُوَ هاَدِي حاضِرِنا وَمُسْتَقْبَلِنا وَدُنْيانا وَآخِرَتِنا وَقُوَّتُها البانِيَةِ. وَالسُّنَّةُ النَبَوِيَّةُ هِيَ المَكانُ الذي إجْتَمَعَ فيهِ القُرْآنُ مَعَ الحَياةِ، وَأَصْبَحَ قابِلاً لِلْفَهْمِ وَالمُماَرَسَةِ وَالتَّطْبِيقِ. لِهَذا السَّبَبِ، نَتَعَلَّمُ الدّينَ المُبينَ الإسْلامَ مِنْ هَذَيْنِ المَصْدَرَيْنِ مِنْذُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قَرْناً.

أَمَرَنا القُرْآنُ الكَريمُ أَنْ نُؤْمِنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَأَنْ نُطيعَ اللهَ وَنُطيعَ رَسولَهُ؛ لِأَنَّ رَسولَ اللهِ (ص) هُوَ مَنْ بَلَّغَنا وَعَلَّمَنا القُرْآنَ، وفي قُدْوَتِهِ (ص) تَحَوَّلَ القُرْآنُ إلى نَمُوذَجِ الْحَياَةِ. وَالذينَ يُنَظِّمونَ حَياتَهُمْ في هَدْيِ القُرْآنِ الكَريمِ وَقُدْوَةِ رَسولِنا التي لا مَثيلَ لَها، لَنْ يَحِيدُوا قَيْدَ شَعْرَةٍ عَنِ الطَّريقِ المُسْتَقيمِ.

أيُّها المُؤْمِنونَ الأعِزّاءُ!

القُرْآنُ الكَريمُ الَّذي هُوَ غايَةُ الخَلْقِ، يَأْمُرُنا بِالإيمانِ بِاللهِ وَعِبادَتِهِ وَحْدَهُ. وَرَسولُنا الذي لَمْ يَرْكَعْ لِأَحَدٍ غَيْرَ اللهِ تَعالى طِيلَةَ حَياَتِهِ، وَوَقَفَ وَقْفَةً مُشَرِّفَةً في كُلِّ الشُّروطِ وَالأحْوالِ؛ هُوَ الذي عَلَّمَنا الإيمانَ الْحَقَّ. 

ولقد أَمَرَنا القُرْآنُ الكَريمِ بِالعِباداتِ التي تُقَوّي إيمانَنا وَتُقَرِّبُنا مِنَ اللهِ تَعالى. فَعَلَّمَنا رَسولُنا الكَريمُ (ص) بِالمُمارَسَةِ وَالتَّطْبيقِ كَيْفَ نُقيمُ الصَّلاةَ وَكَيْفَ نَصومُ رَمَضانَ وَكَيْفَ نَدْفَعُ الزَّكاةَ وَكَيْفَ نُؤَدّي الحَجَّ وَكَيْفَ نَعْبُدُ اللهَ تَعالى.

وأَمَرَنا القُرْآنُ الكَريمُ بِالمَعْروفِ وَنَهانا عَنِ المُنْكَرِ، وَأَمَرَنا بِالدِّفاعِ عَنِ الحَقِّ وَالحَقِيقَةِ، وَأَمَرَنا أَنْ نَكونَ أَصْحابَ الأمانَةِ وَنَتَحَلّى بِالرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ وَنَرْقى بِالأخْلاقِ الْحَميدَةِ. وَحَبيبُنا مُحَمَّدٌ (ص) كانَ لَنا قُدْوَةً حَقيقِيَّةً تَزَيَّنَ بِكُلِّ هَذِهِ الفَضائِلِ، وَعَلَّمَنا كَيْفَ نَكونُ مُؤْمِنينَ صالِحينَ.

إِخْوانِيَ الأعِزّاءُ!

التّاريخُ يَشْهَدُ أَنَّ قُلوبَنا تَعَلَّقَتْ دائِماً بِكِتابِنا العَظيمِ، وَأَنَّنا أَحْبَبْنا رَسولَ اللهِ حُبّاً عَميقاً. وَالتّاريخُ يَشْهَدُ أَنَّنا غَدَوْنا أُمَّةً عَزيزَةً وَقُدْوَةً لِلْعالمَينَ طالمَا أنَّنا فَهِمْنا سُنَّةَ رَسولِ اللهِ وَطَبَّقْناها في حَياتِنا بِشَكْلٍ صَحيحٍ. لَكِنَّنا عِنْدَما تَخَلَّفْنا عَنْ هَذِهِ المَحَبَّةِ ولَمْ نَعْكِسْها على أَفْعالِنا وَتَصَرُّفاتِنا، وَابْتَعَدْنا عَنِ العِلْمِ وَالمَعْرِفَةِ وَالعَزيمَةِ وَالهِمَّةِ؛ فَقَدْنا حِينَها قُوَّتَنا وَأَصابَنا الضَّعْفُ وَالوَهَنُ. وَعِنْدَما بَدَأْنا نُهْمِلُ المُثُلَ وَالرّوحَ العالِيَةَ التي أَرادَ إِكْسابَنا إيّاها القُرْآنُ وَالسُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ، غاصَتْ أَقْدامُنا حِينَهاَ في مُسْتَنْقَعِ الجَهْلِ.

أيُّها المُسْلِمونَ الأفاضِلُ!

هُناكَ طَريقَةٌ وَحِيدَةٌ لِنَتَخَلَّصَ مِنَ الآلامِ وَالضّائِقاتِ التي نَعيشُها اليَوْمَ، وَنَتَحَوَّلَ مِنْ جَديدٍ إلى أُمَّةٍ تُقَدِّمُ لِلإنْسانِيَّةِ الأمْنَ وَالسَّلامَ وَالحَضارَةَ. هَذِهِ الطَّريقَةُ تَتَمَثَّلُ في التَّمَسُّكِ بِالقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ بِاعْتِبارِنا مُؤْمِنينَ بِالكِتابِ وَأُمَّةً لِنَبِيِّنا مُحَمَّدٍ (ص)، وَفي عَدَمِ التَّخَلّي عَنْ هَذَيْنِ المَرْجِعَيْنِ لِفَهْمِ الدّينِ وَتَطْبيقِهِ بِشَكْلٍ صَحيحٍ، وَفي اليَقَظَةِ حِيالَ الذينَ يَضَعونَ مَسافَةً بَيْنَ القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَيُحاوِلونَ حَشْدَ القُوَّةِ وَالمَصْلَحَةِ عَبْرَ اسْتِغْلالِ قِيَمِنا المُقَدَّسَةِ هَذِهِ، وَالعَمَلِ لِبِناءِ أَجْيالٍ تَنْظُرُ إلى الحَياةِ في ضَوْءِ القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَتُكِنُّ وَلاءً لِدينِها وَلِأُمَّتِها.

إِخْوانِيَ الأكارِمُ!

جَميعُنا مُكَلَّفونَ بِتَرْبِيَةِ أَبْنائِنا على شُعورِ الإيمانِ وَمَحَبَّةِ العِبادَةِ وَوَعِيِ الأخْلاقِ. وَغايَتُنا جَميعاً أَنْ يَكونَ أوْلادُنا أَشْخاصاً صالِحينَ وَمُؤْمِنينَ قُدْوَةً. وَإِنّي أَوَدُّ أَنْ أُذَكِّرَكُمْ بِأَمْرٍ هامٍّ سَيَخْدُمُ هَذِهِ الغايَةَ: كَما تَعْلَمُونَ، مادَّةُ القُرْآنِ الكَريمِ، وَحَياةِ رَسولِ اللهِ، وَمادَّةُ العُلومِ الدّينِيَّةِ الأساسِيَّةِ، يَتِمُّ تَدْريسُها في الْمَدَارِسِ بِصُورَةٍ اخْتِيارِيَّةٍ. فَتَعالَوْا نُبْدِ الحَسَّاسِيَّةَ المَطْلُوبَةَ لِكَيْ يَخْتارَ أَوْلادُنا هَذِهِ الدُّروسَ. تَعالَوْا لا نَنْسَ أَنَّنا مَسْؤولونَ عَنْ تَرْبِيَةِ فِلْذاتِ أَكْبادِنا لِيَكُونُوا أَجْيالاً تَعيشُ بِما يُرْضي اللهَ تَعالى. نَسْأَلُ اللهَ تَعالى أَنْ يَجْعَلَ أَوْلادَنا خَيِّرينَ بارِّينَ لِآبائِهِمْ وَأُمَّهاتِهِمْ وَلِدينِهِمْ وَأُمَّتِهِمْ وَالعالَمِينَ.



[1]  الأنفال، 8/ 24.

[2]  الموطأ، القدر، 3.

                        من إعداد المديرية العامة للخدمات الدينية


إرسال تعليق

أحدث أقدم