بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
مِنَ الْمُؤْمِن۪ينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللّٰهَ عَلَيْهِۚ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضٰى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُۘ وَمَا بَدَّلُوا تَبْد۪يلاًۙ.
وَقَالَ رَسُولُ اللّٰهِ صَلَّي اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ.
نِضَالُنَا فِي سَبِيلِ الْحَقِّ، رُوحُنَا فِي الْوَحْدَةِ وَالْاِتِّحَادِ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَام!
إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي قُمْتُ بِتِلَاوَتِهَا: "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا"[1]
وَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ: "مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ."[2]
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاء!
إِنَّنَا كَشَعْبٍ وَمِثْلَمَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِالْأَمْسِ فَإِنَّنَا الْيَوْمَ أَيْضاً نَمُرُّ بِمِحَنٍ كَبِيرَةٍ وَعَظِيمَةٍ، وَنَتَعَرَّضُ لِابْتِلَاءَاتٍ ثَقِيلَةٍ. وَإِنَّهُ مِثْلَمَا حَدَثَ فِي حَرْبِ جَنَقْ قَلْعَة وَفِي حَرْبِ التَّحْرِيرِ فَإِنَّنَا الْيَوْمَ أَيْضاً نُقَدِّمُ نِضَالاً وَكِفَاحاً مُسْتَمِيتاً ضِدَّ الْقوَى الَّتِي فَقَدَتْ ضَمِيرَهَا وَفَقَدَتْ إِنْصَافَهَا وَإِنْسَانِيَّتَهَا، وَضِدَّ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَقُومَ بِمَحْوِنَا مِنَ التَّارِيخِ ِ. وَإِنَّهُ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِالْأَمْسِ فَإِنَّنَا الْيَوْمَ أَيْضاً بِكَامِلِ أَفْرَادِ شَعْبِنَا وَأَبْنَائِهِ مِنْ نِسَائِهِ وَرِجَالِهِ وَشِيبِهِ وَشَبَابِهِ لَنْ نَسْمَحَ بِأَنْ يَهْوِيَ عَلَمُنَا وَأَنْ يُسْكَتَ أَذَانُنَا وَلَنْ نَسْمَحَ بِأَنْ يُدَاسَ وَطَنُنَا وَيُهَانَ.
إِنَّ مَا سَيُحَقِّقُ لَنَا الْفَوْزَ وَالنَّجَاحَ هُوَ بِلَا شَكٍّ إِيمَانُنَا الرَّاسِخُ بِاللَّهِ تَعَالَى. وَهُوَ كَذَلِكَ حُبُّنَا لِلْوَطَنِ وَلِلْأَذَانِ وَلِلْعَلَمِ وَلِلْاِسْتِقْلَالِ. وَهُوَ أَيْضاً طَلَبُنَا لِلشَّهَادَةِ وَالنِّضَالِ وَالَّذِي يَسْكُنُ قُلُوبَنَا. وَإِنَّ هَذَا لَحُبٌّ وَعِشْقٌ كَبِيرٌ لِلْإِيمَانِ وَالْوَطَنِ حَتَّى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ بَشَّرَ مَنْ يَسْقُطُونَ عَلَى التُّرَابِ بِهَذَا الْعِشْقِ وَهَذَا الْحُبِّ بِقَوْلِهِ: "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ"[3]
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَفَاضِل!
إِنَّ جُنُودَنَا وَعَسَاكِرَنَا كَانُوا دَائِماً بِجَانِبِ الْمَظْلُومِينَ وَفِي وَجْهِ الظَّالِمِينَ. وَهُمْ فِي الْجَبَهَاتِ مِنْ أَجْلِ خَيْرِ هَذَا الْعَالَمِ، كَمَا أَنَّهُمْ فِي مَتَارِسِهِمْ وَدُرُوعِهِمْ بِاِسْمِ الْإِنْسَانِيَّةِ. وَهُمْ كَذَلِكَ فِي غَزْوِهِمْ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُسَارِعُوا لِنَجْدَةِ مَنْ سُلِبَتْ حُقُوقُهُمْ مِنْ أَيَادِيهِمْ.
إِنَّ جُنُودَنَا وَعَسَاكِرَنَا يَقِفُونَ بِكُلِّ صَلَابَةٍ إِلَى جَانِبِ الْحَقِّ وَفِي وَجْهِ الْبَاطِلِ وَقَدْ آمَنُوا بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:" وَقُلْ جَٓاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُۜ اِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً"[4]
إِنَّ جُنُودَنَا وَعَسَاكِرَنَا، يَنْتَقِلُونَ مِنْ نَصْرٍ إِلَى نَصْرٍ وَقَدْ تَعَلَّقُوا بِقُلُوبِهِمْ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا الْمَوْلَى عَزَّ وَجَلَّ: "وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَاَنْتُمُ الْاَعْلَوْنَ اِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِن۪ينَ"[5]
وَإِنَّ جُنُودَنَا وَعَسَاكِرَنَا يَصِيحُونَ فِي وَجْهِ أَفْوَاجِ الْعَدُوِّ الَّتِي لَا تُرَاعِي حَيَاءً بِأَنْ تَوَقَّفِي مُمْتَثِلِينَ لِلنِّدَاءِ النَّبَوِيِّ الَّذِي صَدَرَ عَنْ رَسُولِنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَمَا قَالَ: "جَاهِدُوا بِأَيْدِيكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ"[6]
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاء!
إِنَّ جُنُودَنَا وَعَسَاكِرَنَا الَّذِينَ خَرَجُوا فِي حَمْلَتِهِمْ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَجْلِبُوا السَّلَامَ إِلَى الْمَنَاطِقِ الْجُغْرَافِيَّةِ الَّتِي يَتَوَاجَدُ فِيهَا الْإِرْهَابُ، وَمِنْ أَجْلِ أَنْ يَنْشُرُوا الْأَمَلَ بَيْنَ الْأَبْرِيَاءِ مِمَّنْ يُرَادُ لَهُمْ أَنْ يَفْقِدُوا أَمَلَهُمْ، وَمِنْ أَجْلِ أَنْ يَنْثُرُوا الْاِسْتِقْرَارَ بَيْنَ الْمَكْلُومِينَ وَالْمَحْزُونِينَ مِمَّنْ فَقَدُوهُ، قَدْ تَعَرَّضُوا بِالْأَمْسِ إِلَى هُجُومٍ غَادِرٍ. إِنَّ أَلَمَنَا عَظِيمٌ وَإِنَّ قُلُوبَنَا مَحْزُونَةٌ مُنْفَطِرَةٌ. نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَتَغَمَّدَهُمْ بِرَحْمَتِهِ. وَعَزَاؤُنَا لِشَعْبِنَا وَمِلَّتِنَا. وَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُعَجِّلَ بِشِفَاءِ جَرْحَانَا. وَأَنْ لَا يُرِينَا بَعْدَ الْيَوْمِ مَكْرُوهاً مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.
وَبِهَذَا الصَّدَدِ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ لَا نَنْسَى أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ صِرَاعٌ وَنِضَالٌ لَا يُمْكِنُ لَنَا أَنْ نَفُوزَ بِهِ مَا دُمْنَا مُتَحَلِّقِينَ وَمُلْتَفِّينَ حَوْلَ قِيَمِنَا الَّتِي جَعَلَتْ مِنَّا مَا نَحْنُ عَلَيْهِ وَجَعَلَتْ مِنَّا شَعْباً وَاحِداً وَمِلَّةً وَاحِدَةً. وَلْنَتَذَكَّرْ أَيْضَاً أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ هُجُومٌ غَادِرٌ لَا يُمْكِنُ لَنَا أَنْ نَقِفَ فِي وَجْهِهِ وَلَيْسَ هُنَاكَ ظَفَرٌ وَنَصْرٌ لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نُحَقِّقَهُ مَا بَقِينَا مُتَمَسِّكِينَ بِشُعُورِ الْوِحْدَةِ وَالْاِتِّحَادِ وَالْأُخُوَّةِ. وَلَيْسَ لَدَيْنَا أَدْنَى شَكٍّ أَوْ رَيْبٍ بِأَنَّهُ بِعَوْنِ اللَّهِ سَوْفَ تُبْطَلُ مُخَطَّطَاتِ الْخَوَنَةِ وَأَلَاعِيبِهِمْ، وَبِأَنَّ مَكَائِدَ الظَّلَمَةِ سَوْفَ تَكُونُ مَصَائِداً لِأَقْدَامِهِمْ وَبِأَنَّ حِيَلَهُمْ سَتُرَدُّ إِلَى نُحُورِهِمْ. وَكَمَا كَانَ عَلَيْهِ الْحَالُ بِالْأَمْسِ فَإِنَّ النَّصْرَالْيَوْمَ سَيَكُونُ لِشَعْبِنَا وَمِلَّتِنَا الْعَزِيزَةِ الَّتِي تَقِفُ إِلَى جَانِبِ الْحَقِّ وَالْحَقِيقَةِ. وَبِتَعْبِيرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، " سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ"[7]
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَام!
تَعَالَوْا بِنَا فِي وَقْتِ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ هَذَا لِنَرْفَعَ أَيْدِينَا إِلَى السَّمَاءِ وَنَفْتَحَ قُلُوبَنَا إِلَى رَبِّنَا سُبْحَانَهُ. وَلْنَتَضَرَّعْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ جَمِيعاً وَمَعاً.
إِنَّ هَذَا الْغُبَارُ هُوَ غُبَارُ عَسَاكِرِ التُّرْكِ وَجَيْشِهِمْ يَا اللَّهُ.
إِنَّ مَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِكَ هُمْ أَنْفُسُهُمْ يَا اللَّهُ.
وَهَذَا إِلَى أَنْ يَعْلُوا اِسْمُكَ الْمُعَظَّمُ الَّذِي بِالْأَذَانِ اِرْتَفَعَ وَعَلَى.
فَانْصُرْهُمْ فَإِنَّهُمْ آخِرُ جُيُوشِ الْإِسْلَامِ يَا رَبُّ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَمُنَّ عَلَى جَيْشِنَا الْبَطَلِ بِالظَّفَرِ وَالنَّصْرِ. وَأَنْ تُكْرِمَ وَطَنَنَا بِلُطْفِكَ وَبَرَكَتِكَ!
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ لَا تَحْرِمَ شُهَدَاءَنَا مِنْ رَحْمَتِكَ، وَمُجَاهِدِينَا مِنْ عِنَايَتِكَ وَمَعِيَّتِكَ، وَشَعْبَنَا مِنْ شَفْقَتِكَ وَرَأْفَتِكَ!
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَلَّا يُسْكَتَ أَذَانُ مَسَاجِدِنَا! وَأَلَّا يُقَسَّمَ وَيُمَزَّقَ وَطَنُنَا! وَأَلَّا يُنَكَّسَ عَلَمُنَا وَتَهْوِي رَايَتُنَا! وَأَلَّا تَنْحَنِي هَامَاتُنَا! وَأَلَّا يُعَرْقَلَ وَيَتَقَهْقَرَ جُنُودُنَا وَعَسَاكِرُنَا!
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَزِيدَ فِي وَحْدَتِنَا وَاِتِّحَادِنَا وَفِي صَبْرِنَا وَجَلَدِنَا! وَنَسْأَلُكَ أَنْ تُخَفِّفَ آلَامَنَا، وَأَنْ تُجَمِّلَ آمَالَنَا بِالظَّفَرِ وَالنَّصْرِ! آمِينْ!
________________________________
[1] سُورَةُ الْأَحْزَابِ، الْآيَةُ: 23.
[2] صَحِيحُ الْبُخَارِيُّ، كِتَابُ التَّوْحِيدِ، 28.
[3] سُورَةُ آلِ عِمْرَانْ، الْآيَةُ: 169-170.
[4] سُورَةُ الْإِسْرَاءْ، الْآيَةُ: 81.
[5] سُورَةُ آلِ عِمْرَانْ، الْآيَةُ: 139.
[6] سُنَنُ النَّسَائِيّ، كِتَابُ الْجِهَادِ، 48.
[7] سُورَةُ الْقَمَر، الْآيَةُ: 45.
المُدِيرِيَّةُ العَامَّةُ لِلْخَدَمَاتِ الدِّينِيَّةِ
مِنَ الْمُؤْمِن۪ينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللّٰهَ عَلَيْهِۚ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضٰى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُۘ وَمَا بَدَّلُوا تَبْد۪يلاًۙ.
وَقَالَ رَسُولُ اللّٰهِ صَلَّي اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ.
نِضَالُنَا فِي سَبِيلِ الْحَقِّ، رُوحُنَا فِي الْوَحْدَةِ وَالْاِتِّحَادِ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَام!
إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي قُمْتُ بِتِلَاوَتِهَا: "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا"[1]
وَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ: "مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ."[2]
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاء!
إِنَّنَا كَشَعْبٍ وَمِثْلَمَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِالْأَمْسِ فَإِنَّنَا الْيَوْمَ أَيْضاً نَمُرُّ بِمِحَنٍ كَبِيرَةٍ وَعَظِيمَةٍ، وَنَتَعَرَّضُ لِابْتِلَاءَاتٍ ثَقِيلَةٍ. وَإِنَّهُ مِثْلَمَا حَدَثَ فِي حَرْبِ جَنَقْ قَلْعَة وَفِي حَرْبِ التَّحْرِيرِ فَإِنَّنَا الْيَوْمَ أَيْضاً نُقَدِّمُ نِضَالاً وَكِفَاحاً مُسْتَمِيتاً ضِدَّ الْقوَى الَّتِي فَقَدَتْ ضَمِيرَهَا وَفَقَدَتْ إِنْصَافَهَا وَإِنْسَانِيَّتَهَا، وَضِدَّ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَقُومَ بِمَحْوِنَا مِنَ التَّارِيخِ ِ. وَإِنَّهُ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِالْأَمْسِ فَإِنَّنَا الْيَوْمَ أَيْضاً بِكَامِلِ أَفْرَادِ شَعْبِنَا وَأَبْنَائِهِ مِنْ نِسَائِهِ وَرِجَالِهِ وَشِيبِهِ وَشَبَابِهِ لَنْ نَسْمَحَ بِأَنْ يَهْوِيَ عَلَمُنَا وَأَنْ يُسْكَتَ أَذَانُنَا وَلَنْ نَسْمَحَ بِأَنْ يُدَاسَ وَطَنُنَا وَيُهَانَ.
إِنَّ مَا سَيُحَقِّقُ لَنَا الْفَوْزَ وَالنَّجَاحَ هُوَ بِلَا شَكٍّ إِيمَانُنَا الرَّاسِخُ بِاللَّهِ تَعَالَى. وَهُوَ كَذَلِكَ حُبُّنَا لِلْوَطَنِ وَلِلْأَذَانِ وَلِلْعَلَمِ وَلِلْاِسْتِقْلَالِ. وَهُوَ أَيْضاً طَلَبُنَا لِلشَّهَادَةِ وَالنِّضَالِ وَالَّذِي يَسْكُنُ قُلُوبَنَا. وَإِنَّ هَذَا لَحُبٌّ وَعِشْقٌ كَبِيرٌ لِلْإِيمَانِ وَالْوَطَنِ حَتَّى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ بَشَّرَ مَنْ يَسْقُطُونَ عَلَى التُّرَابِ بِهَذَا الْعِشْقِ وَهَذَا الْحُبِّ بِقَوْلِهِ: "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ"[3]
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَفَاضِل!
إِنَّ جُنُودَنَا وَعَسَاكِرَنَا كَانُوا دَائِماً بِجَانِبِ الْمَظْلُومِينَ وَفِي وَجْهِ الظَّالِمِينَ. وَهُمْ فِي الْجَبَهَاتِ مِنْ أَجْلِ خَيْرِ هَذَا الْعَالَمِ، كَمَا أَنَّهُمْ فِي مَتَارِسِهِمْ وَدُرُوعِهِمْ بِاِسْمِ الْإِنْسَانِيَّةِ. وَهُمْ كَذَلِكَ فِي غَزْوِهِمْ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُسَارِعُوا لِنَجْدَةِ مَنْ سُلِبَتْ حُقُوقُهُمْ مِنْ أَيَادِيهِمْ.
إِنَّ جُنُودَنَا وَعَسَاكِرَنَا يَقِفُونَ بِكُلِّ صَلَابَةٍ إِلَى جَانِبِ الْحَقِّ وَفِي وَجْهِ الْبَاطِلِ وَقَدْ آمَنُوا بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:" وَقُلْ جَٓاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُۜ اِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً"[4]
إِنَّ جُنُودَنَا وَعَسَاكِرَنَا، يَنْتَقِلُونَ مِنْ نَصْرٍ إِلَى نَصْرٍ وَقَدْ تَعَلَّقُوا بِقُلُوبِهِمْ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا الْمَوْلَى عَزَّ وَجَلَّ: "وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَاَنْتُمُ الْاَعْلَوْنَ اِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِن۪ينَ"[5]
وَإِنَّ جُنُودَنَا وَعَسَاكِرَنَا يَصِيحُونَ فِي وَجْهِ أَفْوَاجِ الْعَدُوِّ الَّتِي لَا تُرَاعِي حَيَاءً بِأَنْ تَوَقَّفِي مُمْتَثِلِينَ لِلنِّدَاءِ النَّبَوِيِّ الَّذِي صَدَرَ عَنْ رَسُولِنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَمَا قَالَ: "جَاهِدُوا بِأَيْدِيكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ"[6]
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاء!
إِنَّ جُنُودَنَا وَعَسَاكِرَنَا الَّذِينَ خَرَجُوا فِي حَمْلَتِهِمْ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَجْلِبُوا السَّلَامَ إِلَى الْمَنَاطِقِ الْجُغْرَافِيَّةِ الَّتِي يَتَوَاجَدُ فِيهَا الْإِرْهَابُ، وَمِنْ أَجْلِ أَنْ يَنْشُرُوا الْأَمَلَ بَيْنَ الْأَبْرِيَاءِ مِمَّنْ يُرَادُ لَهُمْ أَنْ يَفْقِدُوا أَمَلَهُمْ، وَمِنْ أَجْلِ أَنْ يَنْثُرُوا الْاِسْتِقْرَارَ بَيْنَ الْمَكْلُومِينَ وَالْمَحْزُونِينَ مِمَّنْ فَقَدُوهُ، قَدْ تَعَرَّضُوا بِالْأَمْسِ إِلَى هُجُومٍ غَادِرٍ. إِنَّ أَلَمَنَا عَظِيمٌ وَإِنَّ قُلُوبَنَا مَحْزُونَةٌ مُنْفَطِرَةٌ. نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَتَغَمَّدَهُمْ بِرَحْمَتِهِ. وَعَزَاؤُنَا لِشَعْبِنَا وَمِلَّتِنَا. وَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُعَجِّلَ بِشِفَاءِ جَرْحَانَا. وَأَنْ لَا يُرِينَا بَعْدَ الْيَوْمِ مَكْرُوهاً مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.
وَبِهَذَا الصَّدَدِ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ لَا نَنْسَى أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ صِرَاعٌ وَنِضَالٌ لَا يُمْكِنُ لَنَا أَنْ نَفُوزَ بِهِ مَا دُمْنَا مُتَحَلِّقِينَ وَمُلْتَفِّينَ حَوْلَ قِيَمِنَا الَّتِي جَعَلَتْ مِنَّا مَا نَحْنُ عَلَيْهِ وَجَعَلَتْ مِنَّا شَعْباً وَاحِداً وَمِلَّةً وَاحِدَةً. وَلْنَتَذَكَّرْ أَيْضَاً أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ هُجُومٌ غَادِرٌ لَا يُمْكِنُ لَنَا أَنْ نَقِفَ فِي وَجْهِهِ وَلَيْسَ هُنَاكَ ظَفَرٌ وَنَصْرٌ لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نُحَقِّقَهُ مَا بَقِينَا مُتَمَسِّكِينَ بِشُعُورِ الْوِحْدَةِ وَالْاِتِّحَادِ وَالْأُخُوَّةِ. وَلَيْسَ لَدَيْنَا أَدْنَى شَكٍّ أَوْ رَيْبٍ بِأَنَّهُ بِعَوْنِ اللَّهِ سَوْفَ تُبْطَلُ مُخَطَّطَاتِ الْخَوَنَةِ وَأَلَاعِيبِهِمْ، وَبِأَنَّ مَكَائِدَ الظَّلَمَةِ سَوْفَ تَكُونُ مَصَائِداً لِأَقْدَامِهِمْ وَبِأَنَّ حِيَلَهُمْ سَتُرَدُّ إِلَى نُحُورِهِمْ. وَكَمَا كَانَ عَلَيْهِ الْحَالُ بِالْأَمْسِ فَإِنَّ النَّصْرَالْيَوْمَ سَيَكُونُ لِشَعْبِنَا وَمِلَّتِنَا الْعَزِيزَةِ الَّتِي تَقِفُ إِلَى جَانِبِ الْحَقِّ وَالْحَقِيقَةِ. وَبِتَعْبِيرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، " سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ"[7]
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَام!
تَعَالَوْا بِنَا فِي وَقْتِ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ هَذَا لِنَرْفَعَ أَيْدِينَا إِلَى السَّمَاءِ وَنَفْتَحَ قُلُوبَنَا إِلَى رَبِّنَا سُبْحَانَهُ. وَلْنَتَضَرَّعْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ جَمِيعاً وَمَعاً.
إِنَّ هَذَا الْغُبَارُ هُوَ غُبَارُ عَسَاكِرِ التُّرْكِ وَجَيْشِهِمْ يَا اللَّهُ.
إِنَّ مَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِكَ هُمْ أَنْفُسُهُمْ يَا اللَّهُ.
وَهَذَا إِلَى أَنْ يَعْلُوا اِسْمُكَ الْمُعَظَّمُ الَّذِي بِالْأَذَانِ اِرْتَفَعَ وَعَلَى.
فَانْصُرْهُمْ فَإِنَّهُمْ آخِرُ جُيُوشِ الْإِسْلَامِ يَا رَبُّ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَمُنَّ عَلَى جَيْشِنَا الْبَطَلِ بِالظَّفَرِ وَالنَّصْرِ. وَأَنْ تُكْرِمَ وَطَنَنَا بِلُطْفِكَ وَبَرَكَتِكَ!
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ لَا تَحْرِمَ شُهَدَاءَنَا مِنْ رَحْمَتِكَ، وَمُجَاهِدِينَا مِنْ عِنَايَتِكَ وَمَعِيَّتِكَ، وَشَعْبَنَا مِنْ شَفْقَتِكَ وَرَأْفَتِكَ!
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَلَّا يُسْكَتَ أَذَانُ مَسَاجِدِنَا! وَأَلَّا يُقَسَّمَ وَيُمَزَّقَ وَطَنُنَا! وَأَلَّا يُنَكَّسَ عَلَمُنَا وَتَهْوِي رَايَتُنَا! وَأَلَّا تَنْحَنِي هَامَاتُنَا! وَأَلَّا يُعَرْقَلَ وَيَتَقَهْقَرَ جُنُودُنَا وَعَسَاكِرُنَا!
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَزِيدَ فِي وَحْدَتِنَا وَاِتِّحَادِنَا وَفِي صَبْرِنَا وَجَلَدِنَا! وَنَسْأَلُكَ أَنْ تُخَفِّفَ آلَامَنَا، وَأَنْ تُجَمِّلَ آمَالَنَا بِالظَّفَرِ وَالنَّصْرِ! آمِينْ!
________________________________
[1] سُورَةُ الْأَحْزَابِ، الْآيَةُ: 23.
[2] صَحِيحُ الْبُخَارِيُّ، كِتَابُ التَّوْحِيدِ، 28.
[3] سُورَةُ آلِ عِمْرَانْ، الْآيَةُ: 169-170.
[4] سُورَةُ الْإِسْرَاءْ، الْآيَةُ: 81.
[5] سُورَةُ آلِ عِمْرَانْ، الْآيَةُ: 139.
[6] سُنَنُ النَّسَائِيّ، كِتَابُ الْجِهَادِ، 48.
[7] سُورَةُ الْقَمَر، الْآيَةُ: 45.
المُدِيرِيَّةُ العَامَّةُ لِلْخَدَمَاتِ الدِّينِيَّةِ