لغة الشفقة والاحترام في العائلة
أيها المسلمون المحترمون!
قام الإسلام بعد أن انتهت جميع العادات السيئة والألفاظ النابية في عصر الجاهلية قام ببناء عصر السعادة الذي غلب فيه الإيمان والأخلاق الحميدة. وقد كان ذلك العصر يتكون من الأصحاب الكرام الذي نعموا بالإسلام والأخلاق الحميدة والألفاظ الجميلة والنية الصالحة. ونحن الأجيال التالية يليق بنا في يومنا الحالي الالتزام والقدوة بهؤلاء الصحابة. كما يتوجب علينا تأمين انعكاس نمط حياتهم الذي استقام بالقرآن واحتضن السنة ليومنا الحالي والسعي لنصبح أصحاب أخلاق حميدة ومن ذوي الرحمة.
أعزائي المؤمنين!
يستحق أقاربنا سماع أفضل وأجمل الكلمات منا. وتستحق عائلتنا الطاعة والاحترام والتصرفات التي تحتوي على المحبة والاحترام. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِ " 1. حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مثالا وقدوة لنا في التعامل مع العائلة والإحسان بهم. لأن العائلة هي المكان الذي سيعيش فيه الإنسان على المحبة والاطمئنان والأمن والأمان مدى الحياة.
أعزائي المؤمنين!
أكرمنا الله تعالى بالعائلة التي تتألف من الجد والجدة والأم والأب والزوج والزوجة والأطفال والأحفاد والأخوة. العائلة هي جمال فؤاد الأم وبركة رعاية الأب. هي عمق المحبة والمصداقية بين الزوجين. هي المكان الذي يراعي فيه الأولاد الاحترام للأبوين. لقد أبلغنا الله في القرآن الكريم عن أهمية العائلة التي تعتبر بمثابة الخزينة "وَمِنْ اٰيَاتِه۪ٓ اَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ اَنْفُسِكُمْ اَزْوَاجاً لِتَسْكُـنُٓوا اِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةًۜ اِنَّ ف۪ي ذٰلِكَ لَاٰيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " 2.
أيها المسلمون المحترمون!
يتم تأسيس العائلة المطمئنة بالمحبة والتضحية. ويتم دعمها بالعدل والضمير. ويتم حمايتها بالألفة والمرحمة. وعلى الرغم من أصعب اللحظات تقوم العائلة بالتماسك من خلال كلمة لطيفة تلطف القلوب. ففي العائلة التي يحكم فيها الاحترام للكبير والصغير يوجد فيها المرحمة ولا نجد فيها أي أثر للشدة. وكل عائلة تتحلى بالشفقة لا يمكن إلحاق الضرر بها أو الإساءة إليها.
فالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم لم يؤذي أحدا طيلة حياته. وكان ودودا متفهما صبورا محترما تجاه زوجاته. وقد دعانا إلى مراعاة النظر إلى الطرف الإيجابي والإنصاف قائلا " لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ " 3.
أيها المؤمنون المحترمون!
يدرك المؤمن الخيّر قيمة أفراد عائلته التي عانت معه واشتركت معه في همومه وشاركته أفراحه واحزانه. ويدرك أنهم أمانة من الله تعالى الذي أنعمنها بهم. أي أن "الوصف المذكور " الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ " 4 يبدأ مع المؤمن من العائلة. تلتزم الزوجة الصالحة بوعدها الذي قطعته عند عقد قرانها. وتفي بالعقد. كما تحب العائلة الأب العادل صاحب الرحمة. وتسير العائلة مع بعضها البعض متكاتفة متراصة البنيان.
أيها المسلمون المحترمون!
بالإمكان جعل الاطمئنان والسعادة دائمة في العائلة من خلال التواصل الحسن بين أفراد العائلة. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ " 5 ليحث المؤمنين على الكلام الخير. ونحن ممن دعاهم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم للالتزام بذلك حيث يتوجب علينا النصائح والابتسام أمام عائلتنا وعدم حرمانهم من الشكر والعرفان.
أعزائي المؤمنين!
دعونا نكون من المشفقين والمحترمين لزوجاتنا وأولادنا. ونبتعد على العصبية وجرحهم وجرح أنفسنا. بل نحترمهم في جميع الحالات والشروط ونتبنى شعار المرحمة ونكن سبب السعادة والطمأنينة في العائلة وليس سبب القلق. وندعو بالدعاء الذي علمنا إياه الله تعالى في كتابه الكريم " وَالَّذ۪ينَ يَقُولُونَ رَبَّـنَا هَبْ لَنَا مِنْ اَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ اَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّق۪ينَ اِمَاماً" 6.
1 الترمذي، المناقي، 63
2 الروم، 30/21
3 مسلم، الرضاء، 61
4 مسلم، الإيمان، 65
5 أبو داود، الأدب، 122، 123
6 الفرقان، 25/74
المديرية العامة للخدمات الدينية