اَلْعِبَادَةُ هِيَ الرَّابِطُ المُبَارَكُ بَيْنَ اللَّهِ والْعَبْدِ


اَلْعِبَادَةُ: هِيَ الرَّابِطُ المُبَارَكُ بَيْنَ اللَّهِ والْعَبْدِ

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!

كَانَتْ تِلْكَ الأَيّامُ اَلَّتِي بَدَأَ فِيْهَا نُورُ الإِسْلامِ يُضِيءُ أَرْضَ مَكَّةَ. حِينَ صَعِدَ النَّبيُّ الحَبِيبُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَبَلِ الصَّفَا عِنْدَ البَيْتِ الحَرامِ وَنَادَى عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ: فَقالَ: '''أرَأَيْتَكُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلًا بالوَادِي تُرِيدُ أنْ تُغِيرَ علَيْكُم؛' أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟'' قالوا: ''نَعَمْ، ما جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إلَّا صِدْقًا،'' قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ''فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ.''[1] وَأَمَامَ أَهْلِ مَكَّةَ دَعَا البَشَريَّةَ جَمْعَاءَ إِلَى دِيْنِ الإِسْلامِ والْخَلاصِ الأَبَديِّ.

اَلْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!

إِنَّ دَعْوَةَ النَّبيِّ الحَبيبِ سَيِّدِ الكَوْنيْنِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ دَعْوَةٌ لِلنَّاسِ لِيَكُونُوا عِبَادًا لِلَّهِ وَلِيَعْبُدُوهُ حَقَّ عِبادَتِهِ. وَلَا يُوجَدُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَةِ سِوَى الْإِيمَانِ والْعُبوديَّةِ لِلَّهِ. وَهُنَاكَ الرُّكوعُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَكُلَّمَا أَكْثَرَتْ الرُّكوعُ رَفَعَ اللَّهُ مَقَامُكَ أَكْثَرَ. وَفِي هَذِهِ الدَّعْوَةِ طُلِبَ الِابْتِعادُ عَنْ الشِّرْكِ والنِّفاقِ وَعَنْ الكُفْرِ والْعِصْيانِ وَعَنْ الفِتْنَةِ والْفَسادِ وَعَنْ الغِشِّ وَاَلْمَكيدَةِ وَعَنْ الكَذِبِ والْخِداعِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَفَاضِلُ!

إِنَّ الغايَةَ مِنْ خَلْقِ الإِنْسانِ هِيَ عِبادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ وَعَمَلُ الصَّالِحَاتِ لِنَيْلِ رِضا اللَّهِ تَعَالَى وَكَسْبِ السَّعادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْأَخْرَةِ. والْحِفاظُ عَلَى عَلاقَتِهِ بِخالِقِهِ بِالْإِيمَانِ والْعِبادَةِ. لِأَنَّ أَعْظَمَ حَقٍّ لِرَبِّنا عَلَيْنَا أَنْ نُؤْمِنَ بِوُجُودِهِ وَبِوَحْدانيَّتِهِ فَهُوَ الَّذِي خَلَقَنَا مِنْ اَلْعَدَمِ، وَأَنْ نَكُونَ لَهُ عِبَادًا بِأَتَمِّ مَعْنَى الكَلِمَةِ. وَعَنْ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلى حِمَارٍ، فَقَالَ لِي: ''يا مُعَاذُ، أتَدري مَا حَقُّ اللَّهِ عَلىَ الْعِبادِ، وَمَا حَقُّ الْعِبادِ على اللَّهِ؟'' قُلْتُ: ''اَللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ،'' قَالَ: ''حَقُّ اللَّهِ عَلى الْعِبادِ أنْ يَعبُدُوهُ ولا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقُّ الْعِبادِ على اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لا يُشْرِكُ بِهِ شيئًا...''[2]

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَفَاضِلُ!

لَقَدْ قَال اللَّهُ تعالى في كتابه الكريم: '' مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ.''[3]

لِذَلِكَ فَلْنَكُنْ عَلَى دِرايَةٍ تامَّةٍ بِواجِبِنَا فِي العِبادَةِ تِجاهَ رَبِّنا. وَلْنَكُنْ مُخْلِصِينَ لَهُ وَصادِقِينَ فِي عِبادَتِهِ. وَلَا نُقَصِّرُ فِي عِبَادَاتِنَا وَلِنُؤَدِّيَها عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ. وَعِنْدَمَا نَبْدَأُ بِالْعِبَادَةِ فَلْنَدَعْ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهَ وَلنَتَخَلَّصْ مِنْ جَمِيعِ الْانْشِغَالَاتِ الدُّنْيَويَّةِ والرّياءِ. وَلَنَحْمَدِ اللَّهَ تَعَالَى وَنَشْكُرُهُ عَلَى نِعَمِهِ اَلَّتِي لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى اَلَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا. وَدَعُونَا لَا نَنْسَى أَبَدًا أَنَّ تَرْكَ العِبادَةِ وَإِهْمَالَها هُوَ سَبَبُ الفَرَاغِ الرّوحيِّ وَقِلَّةُ البَرَكَةِ والِاضْطِرَابُ فِي العَالَمِ، وَعِنْدَ رَبِّنَا سَتَكُونُ وَبَالٌ عَلَيْنَا وَعِبْئًا ثَقِيلًا.



[1] صَحِيحُ البُخَاري، التَفْسِيرِ، سٌوْرَةُ الشُعَرَاءِ، 2؛ مُسْلِمْ، الإيمَانِ، 355.

[2] صَحِيحُ البٌخَاري، كِتَابُ الجِهَادِ، 46.

[3] سُورَةُ النَّحْلِ 16/97.

اَلْمُدِيرِيَّةُ العَامَّةُ لِلْخَدَمَاتِ الدِّينِيَّة

 

 

إرسال تعليق

أحدث أقدم