آداب الجنازة الواجبات لأخيرة للراحلين إلى الدنيا الآخرة


آداب الجنازة: الواجبات الأخيرة للراحلين إلى الآخرة

جمعة مباركة إخواني الأعزاء!

قال الله تعالى في كتابه الكريم "كُلُّ نَفْسٍ ذَٓائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ اِلَيْنَا تُرْجَعُونَ " 1.

وقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم " حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلاَمِ، وَعِيَادَةُ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ العَاطِسِ " 2.

أعزائي المؤمنين!

الحياة لطف من رب العالمين والموت كذلك حقيقة لا مفر منها. يعيش كل إنسان العمر المقدر له ولا شك سيذوق الموت في آخر المطاف. بغض النظر عن مكان تواجد الإنسان ومهما حاول أن يهرب ومهما حاول البحث عن أي مفر فلا شك أن الموت سيكون له بالمرصاد 3.

على الرغم من الناس يرون الموت على أنه الابتعاد عن الحياة والأم والأب والزوج والأولاد إلا أن عباد المؤمنين يرون الموت على أنه اللقاء مع من يحبونهم برحمة الله تعالى.

وهو بداية الحياة الجديدة والأبدية التي تجمع الاطمئنان والسعادة بالنسبة للعباد الذين أدوا مهامهم تجاه الله تعالى.

أيها المؤمنون المحترمون!

يترتب علينا نحن المؤمنين بعض المهام والمسئوليات تجاه إخواننا الذي رحلوا عن هذه الحياة إلى الآخرة. من أهم هذه المهام والمسئوليات هي عدم ترك إخواننا على فراش الموت ومساعدته لغاية أنفاسه الأخيرة وتلقينه كلمة الشهادة بطريقة يسمعها ومساعدته في تسليم الروح وهو مطمئن مؤمن. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الكريم " لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " 4.

أعزائي المؤمنين!

نشاهد الدمعة والحزن في عين وقلب من يفقد كل من يحبه. حتى النبي الكريم صلى الله دمعت عيناه عند فقدان طفله إبراهيم. وعندما اعترض الموت المليء بالعبر طريق طفله سمعنا منها هذه الكلمات " تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبَّنَا، وَاللَّهِ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ " 5. فالله هو من خلق الموت والحياة.

ومهما كان الحزن الذي يلحق بالإنسان نتيجة ذلك كبيرا يتوجب عليه أن يكون راضيا بذلك بدون مناحة وبكاء وأن نؤمن بأن  نلتقي في الجنة بإذنه تعالى. وأن ندعو للصبر الجميل من الله تعالى.

اعتقادنا و إيماننا بكلمة " اِنَّا لِلّٰهِ وَاِنَّٓا اِلَيْهِ رَاجِعُونَۜ " 6 مرهم لآلام أفئدتنا و دواء لحسرة قلوبنا .

 

 

أيها المؤمنون المحترمون!

من الواجبات الأخيرة التي يتوجب علينا القيام بها تجاه المتوفى هي التجهيز والتكفين. فعندما يتوفى شخص ما يتم إعلام يقوم أقاربه وأصدقائه وجيرانه بوفاته. ويتم غسله وتكفينه مع مراعاة محرمية المتوفى. يتم غسل الجنازة من قبل أقرب الأقارب أو ممن يوكل بذلك من العارفين بعملية التغسيل. في حال وجود أي ديون مترتبة على المتوفى يتم سدادها من ماله الخاص قبل صلاة الجنازة إن أمكن. كما يتم مراعاة تنفيذ وصيته إن وجدت في أقرب وقت ممكن.

أعزائي المؤمنين!

ومن الواجبات الأخرى تجاه المتوفى هي الاشتراك في صلاة الجنازة والدعاء لله تعالى كي يغفر له عند وداعه من الدنيا الفانية إلى الحياة الآخرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ " 7. فالأحزان تنقص كلما تقاسمناها. ويتوجب علينا نحن كأخوة تعزية أقارب الميت وتمني الصبر والسلوان لهم. لا بد من التعجيل في التعزية وعدم تأخيرها كما لا بد من مراعاة التصرفات والكلمات التي تضايق أهل الميت أثناء التعزية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه " اُذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ، وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِيهِمْ " 8.

أيها المؤمنون المحترمون!

ليس من المناسب قيام أهل الميت الذي يتألمون ويحزنون على فقدان قريبهم بتحضير الطعام للمعزين. لكن يعتبر تقديم الأقارب والجيران الإكرام لأهل الجنازة وللمعزين من السنة. ففي حرب مؤتة عندم علم نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم استشهاد ابن عمه جعفر قال " اِصْنَعُوا لِأَهْلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ " 9.

أعزائي المسلمين!

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ " 10. أي أن للموت لسانا ينصحنا ويعظنا. أي أنه ستكون لمراسم الجنازة دورا هاما في مراجعة أنفسنا وحياتنا بالإضافة إلى دعائنا للميت. لا مفر من اليوم الذي سيفنى فيه رأس مال عمرنا ونحصد نتيجة أعمالنا ولو كانت بمثقال ذرة. فنحن المؤمنين دائما نحسن الظن برب العالمين. وننتظر عفوه ومغفرته ورحمته. ونؤمن بالربيع الأبدي الذي سيأتي به الموت لأفئدتنا. ويتوجب علينا عدم الابتعاد عن طريق الإسلام الصحيح والعيش في الطريق المستقيم. حينها نشعر بالموت على أنه سلام من الله تعالى وباب مفتوح على أرض السلام الأبدي.

 

1 العنكبوت، 29/57

2 البخاري، الجنائز، 2

3 النساء، 4/78، الجمعة 62/8

4 مسلم، الجنائز، 2

5 مسلم، الفضائل، 62

6 البقرة، 2/156

7 أبو داود، الجنائز، 54، 56، ابن ماجه، الجنائز

8 أبو داود، الأدب، 42، الترمذي، الجنائز، 34

9 الترمذي، الجنائز، 21

10 النسائي، الجنائز، 3

المديرية العامة للخدمات الدينية

إرسال تعليق

أحدث أقدم