شِعَارَيِّ اَلْإِسْلَامِ : اَلْأَذَانُ وَالْأُضْحِيَّةُ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَفَاضِلُ!
تَقِفُ اَلْأُمَمُ بِرُمُوزِهَا وَتَسْتَمِرُّ فِي وُجُودِهَا. وَلِلْأُمَّةِ اَلْإِسْلَامِيَّةِ أَيْضًا رُمُوزَهَا اَلْخَاصَّةَ ، وَاَلَّتِي نُسَمِّيهَا "اَلشَّعَائِرَ". وَهِيَ اَلْعَلَامَاتُ اَلَّتِي تَبْنِي اَلْهُوِيَّةَ اَلْإِسْلَامِيَّةَ وَتُذَكِّرُنَا بِأَنَّنَا يَجِبُ أَنْ نَكُونَ جَدِيْرِيْنَ بِعِبَادَةِ رَبِّنَا وَتَّوْحِيْدِهِ. وَهِيَ اَلْقِيَمُ اَلَّتِي أَمَرَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِاحْتِرَامِهَا وَحِمَايَتِهَا وَإِحْيَائِهَا. وَفِي اَلْوَاقِعِ، فِي اَلْآيَةِ اَلَّتِي قَرَأَتُهَا، يَقُولُ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :"... وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَٓائِرَ اللّٰهِ فَاِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ"[1]. لِذَلِكَ دَعُونَا نُذَكِرُ فِي خُطْبَتِنَا اَلْيَوْمَ بِأَهَمِّيَّةِ اَلْأَذَانِ وَالْأُضْحِيَّةِ اَللَّذَيْنِ هُمَا مِنْ شَعَائِرِ اَلْإِسْلَامِ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
اَلْأَذَانُ هُوَ نِدَاءٌ نَبَوِيٌّ يَدْعُو اَلْبَشَرِيَّةَ إِلَى عِبَادَةِ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَإِنَّهُ صَوَّتَ اَلتَّوْحِيدِ اَلْعَالِي. فَيُذَكِرُ اَلْمُؤَذِّنُ اَلنَّاسُ بِالْأَذَانِ خَمْسَ مَرَّاتٍ فِي اَلْيَوْمِ بِأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَأَنَّ اَلنَّبِيَّ مُحَمَّدٌ المُصْطَفَى صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمُ اَلْأَنْبِيَاءِ. بِالْأَذَانِ يَدْعُونَا إِلَى رَحْمَةِ رَبِّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَمَغْفِرَتِهِ، وَإِلَى اَلطُّمَأْنِينَةِ وَالْخَلَاصِ وَالثِّقَةِ وَالسَّلَامِ. فَالْأَذَانُ هُوَ إِعْلَانُ وَحْدَةِ اَلْأُمَّةِ، وَبَيَانٌ عَنْ حُرِّيَّتِنَا، وَرَمْزٌ لِاسْتِقْلَالِنَا. كَمْ هُوَ جَمِيلٌ اَلتَّعْبِيرُ عَنْ هَذِهِ اَلنُّقْطَةِ فِي نَشِيدِنَا اَلْوَطَنِيِّ :
تتضرعُ نفسي لكَ يا إلهي بالدعاءْ
لصون المعابدِ من الأيدي الملطخةِ للأعداءْ
ليبقى الأذانُ بالشهادةِ صادحاً في العلاءْ
فهو عمادُ ديني يتخلدُ في وطني بالجلاءْ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!
أَصْلُ اَلْأَذَانِ بِاللُّغَةِ اَلْعَرَبِيَّةِ ، مِثْلُ اَلْقُرْآنِ اَلْكَرِيمِ . كَلِمَاتُهُ هِيَ اَللُّغَةُ اَلْمُشْتَرَكَةُ لِلْمُسْلِمِينَ . إِنَّهُ اَلشِّعَارُ اَلْعَالَمِيُّ وَالْقِيمَةُ اَلْمُشْتَرَكَةُ لْأُمَّةِ مُحَمَّدْ ( صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) . اَلنَّبِيُ مُحَمَّدٌ ( صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) نَفْسَهُ عَلَّمَنَا إِيَّاهُ كَمَا يُقْرَأُ اَلْيَوْمَ. لِذَلِكَ، مَا لَمْ تَتِمُ تِلَاوَتَهُ كَأَصْلِهِ، فَإِنَّ عِبَادَةَ اَلْأَذَانِ لَا يَتِمُّ تَأْدِيَتَهَا بِأَكْمَلِ وَجْهٍ . فَأَسْأَلُ اَللَّهَ أَنَّ لَا يَحْرِمَنَا مِنْ اَلْأَذَانِ اَلَّذِي شَهَادَتُهُ هِيَ أَسَاسُ اَلدِّينِ مِنْ مَآذِنِنَا إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَفَاضِلُ!
"مَنْ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ هَذَا يَقِينًا دَخَلَ الْجَنَّةَ"[2]. كَمَا جَاءَ فِي اَلْحَدِيثِ، اَلْأَذَانُ بُشْرَى لَنَا بِالْجَنَّةِ. فَإِنَّهَا قِيمَةٌ فَرِيدَةٌ تَنْعَكِسُ فِي قُلُوبِنَا مِنْ اَلْمَآذِنِ وَتَشْمَلُ كُلَّ جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِ حَيَاتِنَا. وَبِغَضِّ اَلنَّظَرِ عَنْ لُغَتِنَا أَوْ لَوْنِنَا أَوْ طَائِفَتِنَا أَوْ دِينِنَا، كَمُسْلِمِينَ، نَشْعُرُ جَمِيعًا بِنَفْسِ اَلْإِثَارَةِ عِنْدَمَا نَسْمَعُ اَلْأَذَانَ. فَعِنْدَمَا يَفْتَحُ أَطْفَالُنَا أَعْيُنَهُمْ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ عَلَى اَلدُّنْيَا، يُؤَذَّنُ فِي أُذُنِهِمْ اَلْيُمْنَى وَيُقِيمُ فِي أُذُنِهِمْ اَلْيُسْرَى وَبِذَلِكَ نَمْنَحهُمْ هُوِيَّةَ اَلْإِسْلَامِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَعِزَّاءُ!
شِعَارٌ أخَرٌ مِنْ شَعَائِرِ اَلْإِسْلَامِ هُوَ اَلْأُضْحِيَّةُ. اَلْأُضْحِيَّةُ هِيَ اَلْغَايَةُ اَلْمَبْذُولَةُ لِلتَّقَرُّبِ مِنْ رَبِّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَالرَّغْبَةُ فِي اَلْوُصُولِ لِلتَّقْوَى، وَالْجُهْدِ لِنَيْلِ اَلرَّحْمَةِ اَلْإِلَهِيَّةِ. اَلْأُضْحِيَّةُ هِيَ اَلْخُضُوعُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلِأَوَامِرِهِ. وَهِيَ اَلْوَلَاءُ لَه، وَأَنْ نَرَى رِضَا اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَوْق كُلِّ شَيْءٍ. وَهِيَ أَنْ نَتَذَكَّرَ اَلْمَالِكَ اَلْحَقِيقِيَّ لِلنِّعْمَةِ. اَلْأُضْحِيَّةُ هِيَ اَلْمُشَارَكَةُ، لِتَحَمِلَ اَلْفَرَحَ وَالْمَوَدَّةَ إِلَى مَنَازِلِ وَقُلُوْبِ وَمَوَائِدِ اَلْمُحْتَاجِينَ. وَهِيَ اَلْأُخُوَّةُ وَ إِقَامَةُ أَوَاصِرِ اَلتَّعَاوُنِ وَالتَّضَامُنِ بَيْنَ اَلْقُلُوبِ.
أَيُّهَا الأُخوَةُ الْأَفَاضِلُ!
دَعُونَا نَتَّحِدُ حَوْلَ اَلْقِيَمِ اَلْعُلْيَا لِلْإِسْلَامِ اَلَّتِي تَجْعَلُنَا مَا نَحْنُ عَلَيْهِ، وَتَدْعَمُنَا وَتُعَزِّزُ وَحْدَتُنَا وَتَضَامُنَنَا. وَدَعُوْنَا لَا نَنْسَى أَنَّ سَعَادَتَنَا فِي اَلدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مُمْكِنَةٌ مِنْ خِلَالِ حِمَايَةِ هَذِهِ اَلْقِيَمِ وَالْحِفَاظِ عَلَيْهَا وَإِحْيَائِهَا.
لِذَلِكَ،أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
وَفِي اَلْخِتَامِ، أَوَدُّ أَنْ أُشَارِكَكُمْ شَيْئًا مَا. اَلشَّيْءُ اَلرَّئِيسِيُّ فِي عِبَادَةِ اَلْأُضْحِيَّةِ هُوَ ذَبْحُ أُضْحِيَّةِ اَلْمَرْءِ فِي اَلْمَكَانِ اَلَّذِي تُوجَدُ فِيهِ أَوْ جَعْلِ أَحَدِ يَذْبَحُ عَنْهُ. وَأُولَئِكَ اَلَّذِينَ لَا تُتَاحُ لَهُمْ اَلْفُرْصَةُ لِلْأُضْحِيَّةِ حَيْثُ يُقِيمُونَ أَوْ اَلَّذِينَ يُرِيدُونَ تَقْدِيمَ لُحُومَ اَلْأَضَاحِيَ لِلْمُحْتَاجِينَ بِخِلَافِ اَلْأُضْحِيَّةِ اَلَّتِي يَذْبَحُونَهَا يُمْكِنُ ذَبْحُهَا بِالْوِكَالَةِ. وَمِثْلُ اَلْمُنَظَّمَاتِ اَلْخَيْرِيَّةِ اَلْأُخْرَى، فَإِنَّ اَلْأَوْقَافَ اَلدِّينِيَّةَ اَلتُّرْكِيَّةَ فِي خِدْمَةِ إِخْوَانِنَا اَلَّذِينَ يُرِيدُونَ ذَبْحَ أَضَاحِيِّهِمْ بِالْوِكَالَةِ. كَمَا هُوَ اَلْحَالُ فِي كُلِّ عَامٍ، مِنْ خِلَالِ حَمْلَةِ " شَارِكْ بِأُضْحِيَّتِكَ وَتَقَرَّبْ مِنْ أَخِيكَ " سَنَقُومُ بِتَسْلِيمِ أَضَاحِيِّكُمْ إِلَى اَلْمُحْتَاجِينَ فِي جَمِيعِ أَنْحَاءِ اَلْعَالَمِ، وَخَاصَّةً إِخْوَانُنَا ضَحَايَا اَلزِّلْزَالِ. آمُلُ أَنْ نُعَزِّزَ وَعْيُنَا بِالْأُخُوَّةِ وَنَحْمِلُ فَرْحَةَ اَلْعِيدِ إِلَى اَلْقُلُوبِ اَلْحَزِينَةِ. وَأَوَدُّ أَنْ أَغْتَنِمَ هَذِهِ اَلْفُرْصَةَ لِأُعَبِّرَ عَنْكُمْ، أَيُّهَا اَلْإِخْوَةُ اَلْأَفَاضِلُ، وَالمَسْؤُولِيْنَ اَلدِّينِيِّينَ لَدَيْنَا، وَ مُفْتُونَنَا فِي اَلْمُحَافَظَاتِ وَالنَّوَاحِي، يُمْكِنُكُمْ اَلِانْضِمَامُ إِلَى هَذِهِ اَلْقَافِلَةِ اَلْخَيْرِيَّةِ مِنْ خِلَالِ اَلْمَوْقِعِ اَلْإِلِكْتِرُونِيِّ لِلْأَوْقَافِ اَلدِّينِيَّةِ اَلتُّرْكِيَّةِ. وَنَسْأَلُ اَللَّهَ اَلْعَظِيمَ أَنْ نَكُونَ مِنْ عِبَادِهِ اَلَّذِينَ يَتَقَرَّبُوْنَا مِنْهُ بِالْأَضَاحِيّ وَأَنْ نَجْتَازَ اِمْتِحَانَ اَلْخُضُوعِ.