تَقَاسَمْ أُضْحِيَتَكَ وَاقْتَرِبْ مِنْ أَخِيكَ


تَقَاسَمْ أُضْحِيَتَكَ وَاقْتَرِبْ مِنْ أَخِيكَ

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!

إِنَّ رَبَّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي قُمْتُ بِتِلَاوَتِهَا: "وَلِكُلِّ اُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللّٰهِ عَلٰى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَه۪يمَةِ الْاَنْعَامِۜ فَاِلٰهُكُمْ اِلٰهٌ وَاحِدٌ فَلَـهُٓ اَسْلِمُواۜ وَبَشِّرِ الْمُخْبِت۪ينَۙ."[1]

أَمَّا فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ فَإِنَّ رَسُولَنَا الْحَبِيبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا عَمِلَ آدَمِىٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ"[2]

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!

إِنَّنَا مُمَثَّلِينَ بِالْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ نَعِيشُ سَعَادَةَ اقْتِرَابِنَا مِنْ عِيدِ أَضْحَى آخَرَ. أَسْأَلُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِبُلُوغِ الْعِيدِ فِي جَوٍّ مِنَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَفَاضِلُ!

إِنَّ الْأُضْحِيَةَ، هِيَ عِبَادَةٌ عَرِيقَةٌ أَمَرَنَا بِهَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا وَعَلَّمَنَا إِيَّاهَا رَسُولُنَا الْحَبِيبُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَطْبِيقِهِ لَهَا بِنَفْسِهِ. كَمَا أَنَّهَا أَفْضَلُ تَعْبِيرٍ عَلَى الْإِخْلَاصِ وَالتَّضْحِيَةِ وَالْكَرَمِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

إِنَّ الْأُضْحِيَةَ هِيَ قُرْبٌ وَاِقْتِرَابٌ. فَهِيَ السَّعْيُ لِلْقُرْبِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبُلُوغِ رِضَاهُ سُبْحَانَهُ. كَمَا أَنَّهَا رَمْزٌ لِلتَّفَانِي وَالتَّقْوَى وَالْإِخْلَاصِ وَالطَّاعَةِ وَالْاِمْتِثَالِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. فَلَقَدْ قَالَ الْحَقُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ: "لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنْكُمْ"[3]

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!

إِنَّ الْأُضْحِيَةَ هِيَ فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ تَقَارُبٌ مَعَ إِخْوَانِنَا. وَهِيَ شُكْرٌ عَلَى النِّعْمَةِ مِنْ خِلَالِ اِسْتِشْعَارِ الْوَفَاءِ، وَهِيَ تَقَاسُمٌ لِلنِّعْمَةِ اِمْتِثَالاً لِأَخْلَاقِ الْإِنْفَاقِ. كَمَا أَنَّ الْأُضْحِيَةَ هِيَ بِمَثَابَةِ نَشْرٍ لِلْخَيْرِ. وَهِيَ مُحَافَظَةٌ وَإِبْقَاءٌ عَلَى رُوحِ التَّكَافُلِ، وَتَرْسِيخٌ لِلْمَحَبَّةِ وَالصَّدَاقَةِ. وَإِنَّ الْأُضْحِيَةَ هِيَ بِنَاءٌ لِجُسُورِ الرَّحْمَةِ الَّتِي تَتَجَاوَزُ حُدُودَ الْجُغْرَافْيَا. وَهِيَ نَقْلٌ لِفَرْحَةِ الْعِيدِ وَبَهْجَتِهِ لِقُلُوبٍ لَمْ نَعْرِفْهَا قَطُّ. كَمَا أَنَّهَا تَقْوِيَةٌ لِوَحْدَتِنَا وَاِتِّحَادِنَا، وَإِدْرَاكٌ لِمَفْهُومِ الْأُمَّةِ الْوَاحِدَةِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَعِزَّاءُ!

إِنَّ رِئَاسَةَ الشُّؤُونِ الدِّينِيَّةِ وَكَمَا جَرَتْ عَلَيْهِ الْعَادَةُ فِي السَّنَوَاتِ الْمَاضِيَةِ، تَقُومُ هَذِهِ السَّنَةَ أَيْضاً بِإِدَارَةِ الْفَعَالِيَّاتِ الْخَاصَّةِ بِذَبْحِ الْأَضَاحِي بِالْإِنَابَةِ وَذَلِكَ بِالتَّعَاوُنِ مَعَ وَقْفِ الدِّيَانَةِ التُّرْكِيِّ. وَإِنَّنَا سَوْفَ نَقُومُ تَحْتَ شِعَارِ"تَقَاسَمْ أُضْحِيَتَكَ، وَاقْتَرِبْ مِنْ أَخِيكَ" بِإِيصَالِ الْأَمَانَاتِ الْخَاصَّةِ بِأَبْنَاءِ شَعْبِنَا الْعَزِيزِ إِلَى الْمُحْتَاجِينَ بِدِقَّةٍ وَحَسَاسِيَّةٍ عَالِيَةٍ. وَسَوْفَ تَعُودُ كُلُّ حُصَّةٍ مِنْ حُصَصِ هَذِهِ الْأَضَاحِي إِلَيْنَا عَلَى شَكْلِ آلَافِ الْأَدْعِيَةِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى! وَإِنَّنَا نَدْعُو إِخْوَانَنَا الَّذِينَ لَدَيْهِمْ الْقُدْرَةُ إِلَى الْمُشَارَكَةِ فِي سِبَاقِ الْخَيْرِ هَذَا.

وَإِنَّنِي سَوْفَ أُنْهِي خُطْبَتِي هَذِهِ بِالْحَدِيثِ الشَّرِيفِ لِرَسُولِنَا الْأَكْرَمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ يَقُولُ: "مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ ،وَمَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ،وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ، وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًافَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ، فَادْعُوالَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ"[4]



 

[1]سُورَةُ الْحَجِّ، الْآيَةُ: 34.

[2]سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ، كِتَابُ الْأَضَاحِي، 1.

[3]سُورَةُ الْحَجِّ، الْآيَةُ: 37.

[4]سُنَنُ أَبِي دَاوُدَ، كِتَابُ الزَّكَاةِ، 38.

المُدِيرِيَّةُ العَامَّةُ لِلْخَدَمَاتِ الدِّينِيَّةِ

إرسال تعليق

أحدث أقدم