رَسُولُنَا وَالْأَطْفَالُ


رَسُولُنَا وَالْأَطْفَالُ

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!

إِنَّ رَبَّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ:  "الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ  ربِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا"[1]

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!

إِنَّ الْأَبْنَاءَ هُمْ أَكْثَرُ النِّعَمِ الْمَحْبُوبَةِ الَّتِي وُهِبَتْ لَنَا. وَهُمْ ضُيُوفُ بُيُوتِنَا الْأَكْثَرُ بَرَاءَةً وَهُمْ بَرَكَةُ أُسَرِنَا. وَإِنَّهُمْ بَهْجَةُ حَيَاتِنَا وَهُمْ قُرَّةُ أَعْيُنِنَا كَمَا ذَكَرَ كِتَابُنَا الْجَلِيلُ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ. وَإِنَّهُمْ كَذَلِكَ مَنَابِعُ الْخَيْرِ الْخَاصَّةِ بِنَا وَالَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُبْقِي عَلَى دَفَاتِرِ أَعْمَالِنَا مَفْتُوحَةً عَلَى الدَّوَامِ. وَهُمْ أَمَانَاتُنَا الْغَالِيَةُ وَوَسِيلَةُ اِمْتِحَانٍ لَنَا فِي وُجُودِهِمْ وَغِيَابِهِمْ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَفَاضِلُ!

إِنَّ أَعْظَمَ مُرْشِدٍ لَنَا يُوَجِّهُ عِلَاقَاتِنَا مَعَ أَبْنَائِنَا هُوَ رَسُولُنَا الْحَبِيبُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أُرْسِلَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ. فَقَدْ كَانَ يُحِبُّ الْأَطْفَالَ وَالْأَبْنَاءَ أَكْثَرَ مَا يُحِبُّ مِنْ بَيْنِ الْمَخْلُوقَاتِ . وَقَدْ اِنْفَتَحَ قَلْبُهُ الْمَلِيءُ بِالرَّحْمَةِ أَكْثَر اِنْفِتَاحًا عَلَى الْأَطْفَالِ. كَمَا أَنَّهُ أَظْهَرَ رَحْمَتَهُ الْوَاسِعَةَ مِنْ خِلَالِ مَسْحِهِ عَلَى رُؤُوسِهِمْ وَاِحْتِضَانِهِ لَهُمْ وَتَقْبِيلِهِمْ وَضَمِّهِمْ. وَعَلَاوَةً عَلَى أَبْنَائِهِ وَأَحْفَادِهِ فَقَدْ نَالَ جَمِيعُ الْأَطْفَالِ حَوْلَهُ نَصِيبَهُمْ مِنْ شَفَقَتِهِ بِحَقٍّ وَعَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَفَاضِلُ!

لَقَدْ كَانَ الرَّسُولُ الْأَكْرَمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي قَدْراً لِلْأَطْفَالِ وَيُشْعِرُهُمْ بِأَنَّهُمْ ذَوِي قِيمَةٍ. كَمَا كَانَ يُخَصِّصُ مَكَاناً لِلْأَطْفَالِ بِجَانِبِهِ وَكَانَ يَبْدَأُ أَوَّلاً بِالْأَطْفَالِ عِنْدَمَا يَقُومُ بِالْإِكْرَامِ بِشَيْءٍ مَا. وَكَانَ يُلْقِي التَّحِيَّةَ عَلَيْهِمْ إِذَا مَا مَرَّ بِجَانِبِهِمْ وَيَسْأَلُهُمْ عَنْ أَحْوَالِهِمْ. كَمَا أَنَّهُ كَانَ يُمَازِحُهُمْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، وَحَتَّى أَنَّهُ يُشَارِكُهُمْ الْلَّعِبَ. وَلَمْ يَكُنْ يَسْمَحُ بِإِحْزَانِهِمْ وَإِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِشُعُورِهِمْ بِالْأَمَانِ. وَكَانَ يَسْتَمِعُ إِلَيْهِمْ بِصَبْرٍ وَيُقَدِّمُ لَهُمْ النُّصْحَ بِصَرْفِ النَّظَرِ عَنْ مَاهِيَّةِ الْخَطَأِ الَّذِي يَرْتَكِبُوهُ. كَمَا أَنَّهُ كَانَ يُعْطِي أَهَمِّيَّةً خَاصَّةً لِلْإِنَاثِ وَالْيَتَامَى مِنْ الْأَطْفَالِ، وَكَانَ يَعْتَبِرُهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ أَعَزُّ أَمَانَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ يَسْمَحُ إِطْلَاقاً بِتَحْقِيرِهِمْ. وَقَدْ كَانَتْ كَامِلُ هِمَّةِ رَسُولِنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْصَبُّ عَلَى نَشْأَةِ الْأَطْفَالِ مُتَّسِمِينَ بِالشَّخْصِيَّةِ وَتَرَعْرُعِهِمْ بِصِفَتِهِمْ جِيلٌ مُؤْمِنٌ وَيَتَمَتَّعُ بِطِيبِ الْأَخْلَاقِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَعِزَّاءُ!

إِنَّ الْبَشَرِيَّةَ الْيَوْمَ تَحْتَاجُ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى إِلَى أُنْمُوذَجِ رَسُولِنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي هُوَ نَافِذٌ عَبْرَ الْعُصُورِ. لِذَا، فَلْنُصْغِي لِرَسُولِنَا الْحَبِيبِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْقَائِلُ "مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا مِنْ نَحْلٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ"[2]. وَلْنَكُنْ قُدْوَةً لِأَبْنَائِنَا فِي جَوْهَرِنَا وَأَقْوَالِنَا وَأَفْعَالِنَا. وَلَا يَجِبُ أَنْ نَحْرِمَهُمْ مِنْ اِهْتِمَامِنَا وَمَحَبَّتِنَا. وَلْنَقُمْ بِتَرْبِيَتِهِمْ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَحِسِّ الْمَسْؤُولِيَّةِ بِشَفَقَةٍ وَمَرْحَمَةٍ. وَلْنُرَاعِي اِحْتِيَاجَاتِهِمْ الْمَعْنَوِيَّةَ إِلَى جَانِبِ اِحْتِيَاجَاتِهِمْ الْمَادِّيَّةِ. وَلَا يَجِبُ أَنْ نَنْسَى أَنَّ الْمَحَبَّةَ وَالْاِهْتِمَامَ الَّذِي يَتِمُّ إِظْهَارُهُ لِلْإِبْنِ وَالتَّعْلِيمَ الْأَخْلاَقِيَّ وَالْقِيَمَ الْمُقَدَّمَ هُمَا أَفْضَلُ اِسْتِثْمَارٍ مِنْ أَجْلِ دُنْيَانَا وَآخِرَتَنَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءَ.



[1] سُورَةُ الْكَهْفِ، الْآيَةُ: 46.

[2] سُنَنُ التِّرْمِذِيّ، كِتَابُ الْبِرِّ، 33؛ مُسْنَدُ اِبْنِ حَنْبَلَ، الْجُزْءُ الرَّابِعُ، 77.

المُدِيرِيَّةُ العَامَّةُ لِلْخَدَمَاتِ الدِّينِيَّةِ

إرسال تعليق

أحدث أقدم